آخر الأخبار

آلية الدفع بعدم دستورية القوانين في الجزائرفي ظل التعديل الدستوري 2020

تعد آلية الدفع بعدم دستورية القوانين إحدى أشكال الرقابة القضائية على القوانين، حيث تتم عن طريق هيئة قضائية وتُعرف أيضًا برقابة الامتناع؛ حيث تمارس بعد صدور القانون، وبالتالي تكون رقابة بعدية. يتم ممارستها عن طريق الدفع بعدم دستورية القانون، وليس عن طريق دعوى مستقلة. 


ماهي الهيئة التي لها مهمة الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر؟

في الجزائر، تكفل الدستور بالمهمة الرقابية للمحكمة الدستورية، حيث أوكلت لها حماية الدستور وفقًا للمادة 185 الأولى من التعديل الدستوري المؤرخ في 30 ديسمبر 2020 والذي تمت المصادقة عليه في استفتاء 11 يناير 2020. تعد المحكمة الدستورية مؤسسة مستقلة مكلفة بضمان احترام الدستور.
ينص التعديل الدستوري لعام 2020 في المادة 195 على إمكانية إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم دستورية القانون بناءً على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة. 

يحدث ذلك عندما يدعي أحد الأطراف المشاركة في المحاكمة أمام جهة قضائية أن القانون التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مصير النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور. تشكل هذه المادة الإطار العام للطعن الفردي بالدفع بعدم دستورية القانون وتحدد المبادئ التوجيهية الرئيسية المتعلقة بالصلاحية الجديدة في مجال حماية الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.

ومن الملاحظ أنه حتى الآن لم يصدر القانون العضوي الذي يحدد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية، وفقًا لما تنص عليه المادة 196 من التعديل الدستوري لعام 2020. وبالتالي، ستستند هذه الدراسة إلى قانون الإجراءات والشروط المنصوص عليه في القانون العضوي رقم 716-18 الذي يحدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم دستورية القوانين.

فيديو للدكتور عمار بوضياف حول ٱلية الدفع بعدم ستورية القوانين


ماهي  شروط الدفع بعدم دستورية القوانين ؟

يمكن تصنيف شروط الدفع بعدم الدستورية إلى شروط شكلية وشروط موضوعية وفقًا لما نصت عليه المادة 195 من التعديل الدستوري لعام 2020 والقانون العضوي رقم 16-18.

  • شروط شكلية:
1. الإخطار المسبق: يتطلب الدفع بعدم الدستورية إخطار المحكمة الدستورية بطلب الدفع قبل بدء المحاكمة.
2. الإحالة المختصة: يجب إحالة الدعوى للمحكمة العليا أو مجلس الدولة للنظر في قضيتها واتخاذ قرار بشأنها قبل إحالتها للمحكمة الدستورية.
  • شروط موضوعية:
1. انتهاك الحقوق والحريات: يجب أن يدعي الطرف المشارك في المحاكمة أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي ينظم النزاع ينتهك حقوقه وحرياته المكفولة في الدستور.
2.قابلية التطبيق: يجب أن يكون الدفع بعدم الدستورية مرتبطًا بالنزاع المحلي أمام جهة قضائية.

وتنص المادة 195 من التعديل الدستوري لعام 2020 والقانون العضوي رقم 16-18 على تحديد الشروط اللازمة لتطبيق الدفع بعدم الدستورية وتنظيم إجراءاته، والتفاصيل الدقيقة تكون موضوع القانون العضوي الذي لم يصدر بعد.

أولاً : الشروط الشكلية

تتعلق الشروط الشكلية بالمتطلبات القانونية التي يجب توافرها لإثارة الدفع بعدم الدستورية، وتنقسم إلى شروط تتعلق بالجهة المثارة أمامها الدفع بعدم الدستورية، وشروط تتعلق بالطرف المثير للدفع.

  •  شروط تتعلق بالجهة التي يُثار أمامها الدفع بعدم الدستورية.
يجوز إثارة الدفع بعدم الدستورية في إطار المحاكمات أمام جميع الهيئات القضائية، سواء كانت عادية أو إدارية. وبالإضافة إلى ذلك، يحتوي النظام القضائي الجزائري على هيئات تمتلك سلطة حل النزاعات، وعلى الرغم من طابعها غير القضائي، يمكن أيضًا استخدام الدفع بعدم الدستورية أمامها. ومن أمثلة هذه الهيئات: محاكم حل النزاعات الرياضية والهيئات المهنية والسلطات الوطنية المستقلة المعنية بالتنظيم الاقتصادي وآليات التحكيم واللجان المختلطة التأديبية وغيرها. وتخضع قرارات هذه الهيئات للاستئناف أمام المحكمة العليا أو مجلس الدولة. وبناءً على ذلك، يمكن استخدام الدفع بعدم الدستورية أمام هذه الهيئات أو عن طريق تقديم طعن.

كما يجوز أن يُثار الدفع بعدم الدستورية في أي مرحلة من مراحل الدعوة، بما في ذلك مرحلة الاستئناف أو التقض، وحتى أثناء التحقيق الجزائي، باستثناء محكمة الجنايات الابتدائية. وذلك لتجنب إغراق محكمة الجنايات بالدفوع، وتفادي استخدام هذه الوسيلة للتماطل وإضاعة الوقت من قبل الجهة المثيرة.
وبعد تعديلات الدستور لعام 2016، حصلت الجهات المعنية على حق الاستئناف، مما يمنحهم الحق في إثارة الدفع بعدم الدستورية أثناء مرحلة الاستئناف. وفي حالة إثارة الدفع بعدم الدستورية أثناء التحقيق الجزائي، يتم نظرها من قبل غرفة الاتهام، ويأخذ قاضي التحقيق حكم قاضي التحقيق عندما يبدأ عمله كقاض تحقيق في قضايا الأحداث، ولا يمكنه الفصل في الدفع بعدم الدستورية الذي يُثار أمامه، بل يرسله مباشرة إلى غرفة الاتهام التابعة للمجلس القضائي، والتي تحظى بحق الفصل في الدفع بعدم الدستورية. وإذا لم يتمكن قاضي التحقيق في قضايا الأحداث من الفصل في الدفع بعدم الدستورية الذي يُثار أمامه، فإنه بإمكانه الفصل في الدفع عندما يكون قاضيًا لقضايا الأحداث التي أحيلت أو جدولت أمام قسم الأحداث، لأنه في هذه الحالة يكون قاضيًا مختصًا وليس قاضي تحقيق.

يُثار الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الجنايات الاستئنافية مباشرة، قبل فتح باب المناقشة، أي قبل إجراء القرعة لاختيار المحلفين. وإذا تمت القرعة وتم اختيار المحلفين، يعتبر ذلك بداية فتح باب المناقشة. وبالنسبة للقضاة المحترفين، فقط لديهم السلطة لاستدعاء الدفع بعدم الدستورية أمامهم والنظر فيه، وقبول إرساله إلى المحكمة العليا أو عدم قبول إرساله وذلك بموجب القانون.





  •  شروط تتعلق بالطرف المثير للدفع بعدم الدستورية
يجب أن يُثار الدفع بعدم الدستورية من قبل أحد أطراف الدعوى، سواء كانت المحاكمة أمام الجهات القضائية العادية أو الإدارية، سواء كان المدعي أو المدعى عليه، وسواء كان مواطنًا أو أجنبيًا، شخصًا طبيعيًا أو معتويًا، وباستثناء المتدخل. المهم هو أن يتعلق الحكم الذي يرتبط بجوهر النزاع بحق من حقوقه التي يكفلها الدستور. يُعتبر الحق في الطعن الفردي أمام المحكمة الدستورية حقًا واسعًا يشمل ليس فقط المواطنين بل أيضًا كل شخص أجنبي معترف به وفقًا للقانون الجزائري. لذا، يجد تطبيق مبدأ العالمية وعدم التجزئة في حقوق الإنسان تطبيقه الكامل هنا.
ويُثار الدفع بواسطة المعني مباشرة أو عن طريق دفاعه، عندما لا يكون إلزامًا بتوكيل محامي. وإذا كان من الواجب وجود محامٍ كما هو الحال في مرحلة الاستئناف، فإن الدفع يُثار بواسطة المحامي.

ثانياً: الشروط الموضوعية

تتعلق الشروط الموضوعية بالمعايير القانونية التي يجب توافرها لثبوت الدفع بعدم الدستورية، وتنقسم إلى شروط تتعلق بالتصريح الذي يثار بشأنه الدفع، وشروط تتعلق بالدفع نفسه.

  • شروط تعلق بالنص المعني بالدفع بعدم الدستورية
يجب أن يكون الحكم التشريعي أو التنظيمي مخالفًا للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. يجب أن يتم تفسير مفهوم الحقوق والحريات الدستورية على نحو واسع، ويجب أيضًا الأخذ في الاعتبار التنوع الثقافي والديني للأمم المختلفة. يجب الإشارة إلى أن الدستور الجزائري شهد تطورًا ملحوظًا من خلال توسيع نطاق الحقوق والحريات الدستورية. بالإضافة إلى ذلك، قدم المجلس الدستوري تفسيرات غنية لحماية الحقوق والحريات الأساسية وتحديد محتواها وفقًا للدستور.

ويتضح من نص المادة 195 من التعديل الدستوري لعام 2020 والمادة الثانية من القانون العضوي رقم 16-18 أن المشرع لم يمنح الأفراد حرية الالتزام بالقواعد الدستورية، بل حدد القواعد التي تكفل الحقوق والحريات.

وفقًا للمادة 195 من التعديل الدستوري المؤرخ في 1 نوفمبر 2020، يُمكن إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية ضد الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يؤثر على حقوق وحريات الأفراد التي يضمنها الدستور. يجب الإشارة إلى أن التعديل الدستوري لعام 2016 كان يتعلق فقط بالحكم التشريعي دون الحكم التنظيمي، وهذا يعد تطورًا ملحوظًا في توسيع نطاق الدفع بعدم الدستورية، حيث يمكن أن تنتهك العديد من الأحكام التنظيمية الحقوق والحريات الدستورية.

يجب هنا أن يكون الحكم التشريعي أو التنظيمي النافذ والذي يؤثر على حقوق وحريات الأفراد لم يتم التصريح بمطابقته للدستور، وذلك استنادًا إلى مبدأ حجية الشيء المحكوم به.

  • شروط تتعلق بالجدية في الدفع بعدم دستورية القوانين

يتطلب الدفع بعدم الدستورية أن يكون الوجه المثار للنزاع جادًا. يتحقق ذلك من خلال التوجيهات المذكورة في مذكرة الدفع، حيث يتحقق القاضي من جدية الدفع ويحيله إلى الجهاز القضائي الأعلى، سواء كان ذلك المحكمة العليا أو مجلس الدولة، وذلك حسب نوع النزاع المطروح، سواء كان نزاعًا عاديًا أو إداريًا.. وإذا تبين للقاضي عدم جدية الدفع بناءً على عدم وجود توجيهات كافية في المذكرة أو عدم كفايتها، يرفض القاضي النظر في الدفع بعدم الدستورية. ولا يمكن استئناف هذا القرار إلا عند تقديم طعن في القرار النهائي وليس في مجرد الدفع بعدم الدستورية.

يندرج الدفع بعدم الدستورية ضمن النظرية العامة للدفوع. طالما لم يكن هناك نص قانوني يمنح القاضي صلاحية مناقشة الدفع بعدم الدستورية، يتحمل القاضي مسؤولية مناقشة هذا الدفع والرد عليه بإيجابية أو سلبية. ومفهوم الجدية في الدفع بعدم الدستورية يصعب تحديده، ويعتبر صلاحية القاضي في هذا الشأن تجاوزًا لسلطة المحكمة الدستورية واختصاصاتها. يجعل هذا الشرط القاضي العادي يكون قاضيًا دستوريًا ويمنحه صلاحية تقديرية لتقدير جدية الدفع. ومع ذلك، لا يعني ذلك أن يقوم القاضي بتحقيق دستورية القانون قبل إحالته إلى المحكمة الدستورية، وإنما يجب عليه أن يعتبر "احتمالية دستورية القانون" لتحديد جدية الدفع. دور القاضي هنا هو أن يجد مبررًا لعدم دستورية القانون لتوقيف النظر في الدعوى ويحيل الأوراق إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة.

ماهي  إجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين؟

يتم فحص الدفع بعدم الدستورية على مرحلتين قبل أن يصل إلى المحكمة الدستورية. بعد التحقق من استيفاء مذكرة الدفع لشروط قبولها بعدم الدستورية من قبل قاضي الموضوع، يتم تحويل المذكرة إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة في مرحلة أولى. يكون لهما الاختصاص في إحالة المذكرة إلى المحكمة الدستورية أو رفض إحالتها. في المرحلة الثانية، تقوم المحكمة العليا أو مجلس الدولة بتقديم المذكرة إلى المحكمة الدستورية لدراستها واتخاذ قرار بشأن صحة القانون المعني بالدفع ومدى توافقه مع الدستور.

أولاً :الإجراءات السابقة لإخطارالمحكمة الدستورية

بعد إثارة الدفع بعدم الدستورية أمام القاضي المختص، يتم اتخاذ عدة إجراءات. تشمل هذه الإجراءات الخطوات التي يتخذها القاضي في مرحلة الموضوع المعني بالدفع بعدم الدستورية. بعد ذلك، يتم إرسال المذكرة إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة، اعتمادًا على طبيعة النزاع إذا كان يتعلق بالقضاء العادي أو الإداري.

  • الإجراءات أمام قاضي الموضوع
يجب أن يتم تقديم الدفع بعدم الدستورية على شكل مذكرة مكتوبة يتم إعدادها من قبل المعترض أو محاميه، ويجب أن تكون مستقلة عن الدعوى الأصلية. يجب أن تحتوي المذكرة على حجج وبراهين تثبت عدم الدستورية بهدف تجنب تقديم دفوع غير مؤسسة. وإذا لم تستوفِ هذه المتطلبات، فإن المذكرة ستكون باطلة وغير مقبولة من الناحية الشكلية.

بناءً على ذلك، لا يجوز للمدافع أن يقدم الدفع بعدم الدستورية عن طريق إدراجه في مذكرة تجمع بين الدفع بعدم الدستورية وبين دفوع وطلبات أخرى ومناقشة موضوع الدعوى. وبالإضافة إلى ذلك، لا يجوز طرح الدفع بعدم الدستورية شفويًا أثناء المرافعة، وفقًا للمادة 06 من القانون العضوي 16-18، حيث يجب أن تكون المذكرة مكتوبة ومفصلة ومسببة. يجب أن يوضح المدافع في المذكرة النص التشريعي الذي يعترض عليه ويشرح أوجه انتهاك هذا التشريع لحقوق وحريات الأطراف المشتركة في النزاع.

ويُقصد بشرط "التسبيب" ضرورة تبيان عدم دستورية المقتضى المطعون فيه، ويجب أن يكون التعليل كافيًا ومفصلًا حتى يتمكن المحكمة من مراقبة جدية الدفع. كما يجب أن تحدد المذكرة بدقة التشريع المطعون فيه، سواء كان يتعلق بمادة أو ببند أو فقرة. هذا الشرط يسهل عملية فحص الدفع ويمكن المحكمة من النظر فيه في أقصر وقت ممكن.
  • الإجراءات أمام جهة النقض
جاءت المادة 10 من القانون العضوي 16-18 بأنه عندما يُقرر جدية الدفع بعدم الدستورية، يتم إحالته إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة، وتُؤجل النظر في الدعوى الأصلية. خلال هذه الفترة، يحق للقاضي اتخاذ التدابير المؤقتة والتحفظية اللازمة للحفاظ على معالم النزاع حتى صدور الحكم في الدعوى الأصلية. يمكن أن تشمل هذه التدابير منع المتنازع عليه من التصرف في المال المتنازع عليه، أو تعيين حارس قضائي له، أو تحديد تدابير حضانة مؤقتة للأطفال في حالة نزاع حول حل الرابطة الزوجية بين الأبوين. في المجال الجنائي، قد تشمل التدابير الرقابة القضائية وحجز أدلة الإقناع وغيرها من التدابير التحفظية.

ويجب ملاحظة أن قرار إحالة الدفع بعدم الدستورية وتأجيل النظر في الدعوى الأصلية لا يتسبب في تعليق إجراءات التحقيق في الموضوع المطروح بالدعوى، مثل استدعاء الشهود وإجراء التحقيقات اللازمة. ومع ذلك، إذا كانت الدعوى تتعلق بشخص محبوس أو مهدد بالحبس، سواء كان صاحب الدفع بعدم الدستورية أو طرف آخر في الدعوى، فإن الجهة القضائية المختصة لا تؤجل النظر في الدعوى وتستمر في صدور الحكم بشأنها. وكذلك، لا تُؤجل الجهة القضائية النظر في الدعوى إذا كانت هناك مدة محددة أو إجراءات عاجلة وفقًا لما ينص عليه القانون.

بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على أن رئيس المحكمة يجب عليه إصدار قرار بشأن مسائل التنفيذ في غضون 15 يومًا، وفقًا للمادة 632 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. وكذلك، يتعين صدور قرار بشأن الاعتراض على قائمة شروط بيع عقار في غضون 8 أيام وفقًا للمادة 742 من نفس القانون.

ثانياً : الإجراءات بعد إخطارالمحكمة الدستورية عن طريق الإحالة

  • إجراءات المحاكمة أمام المحكمة الدستورية
إن إخطار المحكمة الدستورية بطلب الدفع بعدم الدستورية يتم بناءً على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة. وتُعتبر هذه السلطة مقيدة وغير مطلقة، حيث لا يحق للجهات القضائية المحددة تمارسها حسب مزاجها. وتجدر الإشارة إلى أن المؤسس الدستوري لم يجعلها إجراءًا إلزاميًا، بل هي إجراءات اختيارية وفقًا للمادة 195، الفقرة 01، من التعديل الدستوري للعام 2020.

وبناءً على المادة 21 من القانون العضوي المتعلق بطلب الدفع بعدم الدستورية، يقوم المجلس الدستوري بعد استلام الطلب بإخطار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس الحكومة. ويهدف إخطار المجلس الدستوري لهذه السلطات إلى تمكينها من تقديم ملاحظاتها حول طلب الدفع بعدم الدستورية. يجدر الإشارة هنا إلى أن القانون لم يحدد المواعيد التي يجب على هذه السلطات الالتزام بها لتقديم ملاحظاتها. ويقوم المجلس الدستوري بتبليغ المذكرات الجوابية المقدمة من الأطراف المعنية بالطلب، والتي بدورها لم يحدد القانون المواعيد المطلوبة لتقديمها.

تصدر المحكمة الدستورية قرارها بشأن طلب الدفع بعدم الدستورية خلال أربعة أشهر من تاريخ إخطارها، ويمكن تمديد هذا الأجل مرة واحدة بحد أقصى أربعة أشهر بناءً على قرار مبرر ويتم إبلاغ الجهة القضائية المخططة بالإخطار به."
  •  الإجراءات المتخذة بعد صدور قرار المحكمة الدستورية
تقوم المحكمة الدستورية بإصدار قرار بشأن صحة القوانين التشريعية أو التنظيمية المعترض عليها بالدفع بعدم الدستورية، ويتم إبلاغ هذا القرار إلى رئيس المحكمة العليا أو رئيس مجلس الدولة، لإعلام الجهة القضائية التي تم تقديم الدفع بعدم الدستورية أمامها.

يكون قرار المحكمة الدستورية بصحة القانون إحدى النتيجتين التاليتين:
  • أ- إما أن يُعتبر القانون التشريعي أو التنظيمي المعترض عليه متوافقًا مع الدستور، وفي هذه الحالة يتم إبلاغ الجهة القضائية التي تم تقديم الدفع بعدم الدستورية لها، وتتولى الجهة القضائية الفصل في المنازعة وفقًا للإجراءات المحددة سلفًا واستنادًا إلى قرار المحكمة العليا أو مجلس الدولة بأن الدفع غير مستوفٍ لشروطه القانونية.
  • ب- أو أن يُعتبر القانون التشريعي أو التنظيمي المعترض عليه غير دستوري وينتهك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور. في هذه الحالة، يفقد هذا القانون التشريعي أو التنظيمي أثره من التاريخ الذي يحدده قرار المحكمة الدستورية."

خاتمة:


يُعتبر الدفع بعدم الدستورية أساسًا للرقابة البعدية التي أرساها التعديل الدستوري المؤرخ في 1 نوفمبر 2020، الذي نص في مادته 185 على إنشاء المحكمة الدستورية. ونصت المادة 195 على إمكانية إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية بناءً على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يزعم أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يكفلها الدستور.

ونظرًا لعدم صدور القانون العضوي حتى الآن الذي يحدد كيفيات وشروط الدفع بعدم الدستورية، يظل التعديل الدستوري الجديد لسنة 2020 وإنشاء المحكمة الدستورية هما الأساسان. وعليه، يجب على المشرع الجزائري، عند إصدار القانون العضوي، أن يتعامل مع التحديات والغموض المتعلق بهذا الموضوع والذي تطرقنا له في هذا البحث. يُقترح في هذا السياق ما يلي:
  • - توسيع الجهات التي يمكن اللجوء إليها للدفع بعدم الدستورية في حالة حكم تشريعي أو تنظيمي، لتشمل محاكم حل النزاعات الرياضية والهيئات ذات الطابع المهني والسلطات الوطنية المستقلة المعنية بالتنظيم الاقتصادي، بالإضافة إلى أجهزة التحكيم واللجان المختلطة التأديبية.
  • - توسيع أطراف الحق في الدفع بعدم الدستورية وتحديدها ليشمل المدعين والمدعى عليهم، سواء كانوا أشخاصًا طبيعيين أو معتويين، وسواء كانوا أصليين للخصومة أو معترضين خارجيين عنها، بشرط أن يتأثر حقوقهم الأساسية التي يكفلها الدستور بالحكم المرتبط بجوهر النزاع.
  • - من الواجب أن يمنح حق الدفع بعدم الدستورية للقاضي المعني بالنزاع المطروح أمامه، فلا يعقل منح هذا الحق للأطراف دون القاضي الذي سيصدر القرار في النزاع.
  • - توسيع الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يمكن فيه الدفع بعدم الدستورية ليشمل كل نص إجرائي أو مادي يتم تطبيقه في النزاع.
  • - وضع ضوابط لدور القاضي المعني بالنزاع وتقليص سلطاته الواسعة في تقدير جدية وصحة الدفع بعدم الدستورية المُثار أمامه.
  • - المادة 198 بند 03 من التعديل الدستوري لسنة 2020 غير واضحة في تصويرها، حيث يُفهم منها أنه إذا قررت المحكمة الدستورية أن نصًا تشريعيًا أو تنظيميًا غير دستوري بناءً على المادة 195، فإنه يفقد أثره اعتبارًا من اليوم الذي يحدده قرار المحكمة الدستورية. إلا أن المادة لم تحدد ما إذا كان فقدان الأثر يتعلق بالنزاع الذي تم فيه الدفع بعدم الدستورية، أم يشمل كل نزاع ينطوي على تطبيق ذلك الحكم التشريعي أو التنظيمي. وبالتالي، ينبغي على القانون العضوي أن يوضح هذه المسألة.

قراءة وتنزيل المقال



تابع صفحتنا على الفيسبوك و على تويتر ليصلك كل ماهو جديد

لاتنسى مشاركة الموضوع مع أصدقائك
المقال التالي المقال السابق
No Comment
Add Comment
comment url